موقف عظيم يطيش له العقل ويحار منه اللب
( خير الدين بربروس & شارلكان ملك أسبانيا )
.... بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) وبعد :
أهدي هذه الكلمات إلى
كل مسلم غيور على دينه وعلى تاريخ أمة الإسلام والمسلمين .
كل أجدادنا العظماء من قادة وعلماء وفاتحين وربانيين .
الدولة العثمانية
المجاهدين العظماء الأتقياء الأنقياء
الذين ضحوا بالغالي والنفيس لرفعة هذا الدين
آل بربروس وحوش البحار وسلاطينه
وحش وحوش البحار ( خير الدين بربروس )
وأخيرا إلى :
كل مزيفي التاريخ من ( مستشرقين ، ومستخربين ، وكل رويبضة ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا )
تمهيـــد
في عام ( 1535م ) قام شارلكان ملك اسبانيا وإمبراطور الإمبراطورية
الرومانية المقدسة بتجريد حملة كبيرة لاسترداد تونس من ( خير الدين بربروس )
قادها بنفسه ، وبالفعل نجحت حملة شارلكان في الاستيلاء على تونس بعد
معارك كبيرة ووقائع عظيمة ، بذل فيها خير الدين بربروس كل ما في وسعه
للحفاظ على تونس ، ولكن قدر الله كان نافذا ووقعت المدينة في أيدي
الأسبان الذين سلموها مرة أخرى لسلطان الحفصيين الخائن آنذاك ( أبو عبد
الله محمد الحسن ) ،
الذي قبل بإبرام معاهدة مخزية مع شارلكان دخلت
بموجبها تونس تحت الوصاية الأسبانية ولا حول ولا قوة إلا بالله ، في نفس
الوقت استطاع ( خير الدين ) بمقدرة عسكرية فذة وشجاعة منقطعة النظير
الانسحاب بغالبية قواته دون أن يخسر منهم إلا القليل والعودة إلى الجزائر التي
استقبل فيها استقبال الأبطال .
صورة لشارل الخامس ملك إسبانيا
في نفس الوقت الذي كان فيه شارلكان في تونس يحتفل بالنصر وفي حين ظن
الكثيرون أن خير الدين قد قتل ، لم يلبث ( خير الدين ) في الجزائر إلا قليلا ثم
خرج لكي يأخذ بثأره ، وانطلق بأسطول مكون من 33 سفينة ، فيا ترى ماذا
كانت وجهته ؟
وإلى أي البلاد مضى رغم مرارة الانسحاب الاضطراري من تونس ؟
وهل فعلا اخذ بثأره أم لا ؟
وما هو هذا الموقف الذي طاش منه العقل ، وطار منه اللب ؟
هذا ما سنعلمه في السطور الآتية إن شاء الله تعالى .....
صورة لخير الدين بربروس ( رحمه الله )
خير الدين بربروس يقوم بحملة انتقامية لأخذ الثأر
يقول سامح عزيز ألتر في كتابه ( الأتراك العثمانيون في إفريقيا الشمالية ) :
" حينما كان خير الدين باشا يسرو على بعد ثلاثين ميلا من جزيرة ميورقة
( إحدى جزر الباليئار التي تقع في الجنوب الشرقي لأسبانيا حاليا ) سمع
50-60 طلقة مدفعية ، ومنهم أنهم يحتفلون بالنصر الذي حققوه ،
فتحرك
نحوهم وهو يردد بأعلى صوته : (( ستسمعون الصوت الحقيقي للمدفعية بعد
قليل )) وأثناء تحركه استولى على قطعتين بحريتين وكان بداخلهما أسرى
تونسيين فأطلق سراحهم ، وبعد قتله لطاقم السفينتين احرق السفينتين ، ثم تابع
طريقه إلى جزيرة مينورقة ، ودخل ميناء ( ماهون ) واعتقد الرياس من الميناء
وحراسه أنه الأسطول المظفر ، فأمر بإطلاق المدافع تحية واستقبالا له ، وقبل
قليل شاهدت سفينتان برتغاليتان القراصنة ( يقصد خير الدين ) ،
فهربتا من
الميناء لأن الرياح كانت تساعدهما على ذلك ، لكنهما سمعتا صوت مدافع
الاستقبال من القلعة فعلمتا أنهما أخطأتا التفكير ، فعادتا إلى الميناء بسرعة
ورستا فيه .
صورة لراية خير الدين بربروس المظفرة
عندما اقتربت هيئة الاستقبال من سفن الأتراك أمر ( خير الدين ) بإلقاء القبض
عليها ، فقيدوا أعضائها بالحديد ، ثم أرسل كادرغتين إلى السفن البرتغالية
للقول لهم : (( تعالوا إن بربروس يريدكم ) ، وحالما سمعوا ذلك ذهلوا
وسلموا أنفسهم وكان معهم تسعون أسيرا مسلما فأنقذوهم .
خير الدين بربروس يغير على ميورقة ويضربها بالمدافع
ذهب ( بربروس ) من ماهون إلى ميورقة فضرب سواحلها ، ثم عاد إلى الجزائر
ومعه (( ستة آلاف أسير )) ، وحينما عاد شارلكان إلى بلاده ادعى بأنه قتل
بربروس وانه فتح جميع السواحل البربرية .. وما أن سمع بأحداث جزيرتي
مينورقة وميورقة حتى ذهل وبدا عليه الغضب والانزعاج ،
فأمر أندريا دوريا
بالبحث عن بربروس وإلقاء القبض عليه ، فانطلق أندريا دوريا بأربعين سفينة
من نوع ( قادرغة ) ، ولكن خير الدين باشا تحرك إلى استانبول في الخامس
عشر من تشرين الأول .عند اقتراب خير الدين باشا من جزيرة جربة شاهد
سفن أندريا دوريا في الأفق البعيد ، وكان يرغب بمواجهته ، لكنه أجل توجيه
الضربة القاصمة إلى وقت آخر ، وتابع مسيره إلى اسطامبول .
صورة لخير الدين بربروس لحظة انتصاره على اندريا دوريا اسطورة البحرية
الصليبية في موقعة ( برفيزا ) سنة 1535م
قلت : " فيا لهذه الجرأة ، ويا لهذه الشجاعة ، ويا لهذه البطولة ، في عز فرحة
الانتصار التي غمرت الاعداء ، خرج خير الدين ولم يستقر له قرار حتى جعلهم
يألمون كما تألم ، وأخذ يجرحهم كما جرحوه ، رحمة الله على الأبطال السادات
القادات الذين ضحوا بأغلى ما لديهم لإعلاء كلمة الدين وإذلال الشرك
والمشركين "
خـاتـمـــــــــة
إخواني في الله إن تاريخ أمتنا مليء بالأمجاد والبطولات في كل وقت وكل
زمان ، وفوق كل أراضي العالم كان هناك من أبطال الأمة وقادتها وعلماؤها
وربانيوها من يكتبون تاريخنا بمداد من الذهب على صفحات من النور ،
يسطرون أروع التضحيات والبطولات ، يسطرونها بدمائهم وأرواحهم
وأشلائهم ، إنه لحري بنا أن نطلع على تاريخنا فكله
مجد وفخار
وعزة وكرامة
ومنعة وسؤدد وبطولة
وفداء وشجاعة
وإقدام وشهامة
ومرؤة وكرم
وعطف وبر
وخير كثير لم تتحلى به أمة ممن كانت قبلنا
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
اللهم أذل الشرك والمشركين
اللهم عليك بمن حارب الدين
اللهم استعملنا لنصرة لدينك
اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك
آميييييييييييين
الفقير إلى عفو ربه
( أمير البحار : خير الدين بربروسة )
المرجع :
الأتراك العثمانيون في إفريقيا الشمالية ( سامح عزيز ألتر ) صــ 121-122 .